منذ إنشائها في عام 1939، لعبت غرفة تجارة وصناعة البحرين (BCCI) دورا بارزا في تشكيل الاقتصاد الوطني للبحرين وخلق قطاع خاص قوي.

83
عام من التميز
1939
1959

مرحلة التأسيس

لقد وفر اكتشاف النفط في العام 1928 م، وتأسيس شركة نفط البحرين في العام 1929 م، ثم بدء انتاج النفط في عام 1932 م «عوامل ملائمة لاستكمال ملامح الدولة الحديثة... فجرى التطوير أيضا في الخدمات العامة وعلى رأسها التعليم والصحة والبلديات، بل ونظمت أول انتخابات لبلدية المحرق بصناديق اقتراع وبطاقات انتخاب سنة 1930 .... وفي العام 1937 حدث تقدم كبير في إيرادات النفط وتم توجيه جزء منها لمجال الخدمات الحكومية فأنشئت دائرة الأشغال العامة والبدء في بناء مستشفى حكومي .... وفي 1939 تأسست في البحرين أول غرفة تجارية في دول الخليج العربية.

شكل تأسيس غرفة تجارة وصناعة البحرين، في العام 1939 م استجابة طبيعية ومنطقية في آن للتطور السياسي والاجتماعي الذي كان ينعم به التاجر البحريني حينها. وهي في حد ذاتها خطوة متقدمة مقارنة مع تاريخ تأسيس نظيراتها في بلدان الخليج العربي. هذا الأمر هو الذي جعل منها واحدة من اوائل الغرف الرئيسية الرائدة ليس في منطقة الخليج العربي فحسب، وإنما في المنطقة العربية أيضا. وكان التأسيس نقلة نوعية على طريق تأطير دور رجال الأعمال البحرينيين، في مسيرة التطور الاقتصادي للبلاد. وعلى نحو مواز أتاح تأسيسها فرصة أمام وجود كيان مجتمعي قادر على الدفاع عن مصالح أعضائها.

يكشف تاريخ البحرين، أن غرفة تجارة وصناعة البحرين قد نجحت في أداء دورها المهني والاجتماعي بكفاءة عالية على مر العقود الثمانية المنصرمة من حياتها. وكان ذلك انعكاسا طبيعيا، ومنطقيا في آن، بفضل موقع البحرين الاستراتيجي تجاريا الذي يقف وراء ولادة المجتمع التجاري البحريني في مرحلة مبكرة من تاريخ منطقة الخليج العربي الحديث.

تجدر الإشارة هنا إلى تشكيل أول هيئة إدارية وهي بمثابة مجلس إدارة للغرفة بعد اعتراف الحكومة بها (في 31 مايو 1951 م) والتي يمكن اعتبارها نقطة الإنطلاق في هذه المرحلة. وتمخضت نتائجها عنها انتخاب السيد عبد الرحمن حسن القصيبي رئيسا والسيد محمد حسن الحسن سكرتيرا والشيخ اسحاق عبد الرحمن الخان أمينا للصندوق وعضوية خليل إبراهيم كانو، حسين علي يتيم، راشد عبدالرحمن الزياني، أشرف محمدي، يوسف علي أكبر رضا، جي. أ. كلفر، كاكومال فلبداس

1960
1980

مرحلة الانطلاق

من يتناول تاريخ غرفة تجارة وصناعة البحرين في هذه المرحلة 1960 - 1980 لا بد له أن يتوقف عند ذلك التقرير الموسع الذي يتحدث عنه المؤرخ البحريني بشار الحادي قائلا، «في 10 فبراير 1959 م عقد اجتماع الجمعية العمومية للغرفة بحضور 159 عضواً من إجمالي عدد الأعضاء الذي بلغ 285 عضواً آنذاك وقد ألقى الرئيس الفخري لمجلس الإدارة في هذا الاجتماع كلمة أكد فيها على أن الغرفة بدأت الدخول في مرحلة جديدة من مراحل تطورها في سبيل النهضة الاقتصادية ورعاية المصلحة العامة للبلاد.

وأشار التقرير الذي أعد في هذا الخصوص إلى أن الأسواق التجارية قد استعادت نوعاً من الثقة والاستقرار بعد أن هزتها حوادث الإفلاسات خلال الفترة الماضية والتي كان لها أثرها السلبي على النشاط التجاري في البلاد. وقد تم في هذا الاجتماع انتخاب مجلس جديد للإدارة حيث أسفرت هذه الانتخابات عن فوز السيد يوسف علي أكبر رضا برئاسة المجلس، والسيد علي عبد الرحمن الوزان بالسكرتارية، والسيد عبد الله علي الدوي بأمانة الصندوق، وفاز بعضوية المجلس السادة دانمد اسرداس، وخليل إبراهيم كانو، وإبراهيم حسن كمال، وراشد عبد الرحمن الزياني  وصادق محمد البحارنة، وعلي يوسف فخرو، وحسن حيدر درويش. » لعل أبرز ما كشف عنه تقرير الحادي هو أن هناك نموا كميا في جسد الغرفة، عبر عنه الازدياد الملحوظ في عدد الأعضاء الحاضرين مقارنة بما سبق الإشارة له في مرحلة الانطلاق (1939 - 1960).


وفي هذا الوصف أيضا إشارة واضحة للتحولات التي بدأت تطرأ على دور الغرفة المتفاعل إيجابيا مع التحولات التي بدأت تشهدها السوق البحرينية. وهو انعكاس طبيعي للنمو في اتجاه المجتمع البحريني، وفي القلب منه الجزء الأكثر وعيا في صفوفه، وهو قطاع المال والأعمال. من جانب آخر هناك تركيز من لدن الغرفة على الشق المهني من أهدافها وهو ضرورة الالتفات نحو أوضاع السوق البحرينية، ومحاولة تطويرها من خلال معالجة أبرز المشكلات التي تواجهها، والتي ربما تكون الأكثر تعقيدا في تلك المرحلة.

1980
2000

إدارة الأزمات

خلال الفترة بين 1980 - 2001 ، تولى رئاسة مجلس الغرفة نخبة من رواد رجال الأعمال البحرينيين. وقد حقق هؤلاء القادة من خلال تبؤهم ذلك المنصب مجموعة من الإنجازات المميزة.

و كرست الغرفة جهودها بالتعاون مع الجهات المعنية من أجل وضع الحلول الناجحة لارتفاع اسعار الفائدة المصرفية والرهون التي يدفعها المقترضون من البنوك. كما توقفت مطولا أمام برامج دعم الصناعات الوطنية وتنشيط قطاع المقاولات وتشجيع تأسيس شركات مساهمة ومواجهة ظاهرة النصب والاحتيال، التي بدأت تجتاح الأسواق البحرينية حينها.

وعلى نحو مواز، كثفت الغرفة جهودها من أجل تعزيز سياسة الاستقلالية والاعتماد على الذات، من خلال زيادة مواردها المالية، وتطوير القطاع الصناعي. وبالقدر ذاته، اتجهت جهود من أجل المساهمة في تدعيم النشاط التجاري، وتشجيع المبادرات ذات الطابع الإبداعي التي تساهم في تنويع الاقتصاد الوطني، كي تقلص حصة الموارد النفطية فيه.

كما بدأت الغرفة خطواتها الأولى نحو الشركات والمؤسسات المتوسطة والصغيرة، بل وحتى المتناهية الصغر. هذا الأمر قاد خطواتها على طريق المشروعات الناشئة التي يقف وراءها رواد الأعمال البحرينيين من الشباب الطموح. وفي خضم كل ذلك واصلت الغرفة نشاطها للتعبير عن مشاركتها في الحياة التجارية والصناعية عن طريق عقد ندوات اقتصادية، والمساهمة في اجتماعات مجلس اتحاد غرف دول مجلس التعاون، وتنظيم معرض صنع في البحرين، والمساهمة في تدعيم المناخ الاستثماري في البلاد والمساعدة في تنمية الصادرات البحرينية.

شكلت هذه الخطوات الرائدة، في مجملها، تعبيرا إيجابيا ملموسا على قدرة الغرفة على مواجهة مجموعة من الأحداث المحلي منها، المتزاوج مع الإقليمي )الخليجي/ العربي(، والمتكامل مع نظيره الدولي. وكانت تلك الأحداث محصلة تفاعل تحولات توزعت على الصعد السياسية والاقتصادية، بل وحتى الاجتماعية على حد سواء.

2000
2019

المشروع الإصلاحي

بالنسبة للفترة الممتدة من مطلع القرن الواحد والعشرين، عرف مجلس إدارة الغرفة ثلاث رؤساء، الأول منهم كان السيد خالد محمد كانو، تلاه في الرئاسة د. عصام عبد الله فخرو، وآخرهم هو سمير عبد الله ناس.

وفيما يتعلق بهذه المرحلة، الممتدة من العام 2000 ، حتى العام 2023، شهدت الغرفة مجموعة من التحولات النوعية التي ترافقت مع أهم تحول نوعي عرفته البحرين في تاريخها المعاصر. كان ذلك ارتقاء صاحب الجلالة حمد بن عيسى آل خليفة سدة الحكم، خلفا لوالده، المغفورة له، سمو الشيخ عيسى بن سلمان آل خليفة. 

في أكتوبر 2008 صادق صاحب الجلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة عاهل البلاد المفدى حفظه الله على الرؤية الاقتصادية 2030 . وخرجت الخطة عن الطقوس التقليدية التي تطوق مثل تلك الخطط التطويرية في إطار ضيق، عندما رسمت ملامح واضحة للتطوير أرست مقاييس دولية قابلة للتنفيذ، وقدرة على إحداث النمو الاقتصادي، وضمان استمراره بما يعكس جهود البحرين وحرصها على بناء حياةٍ أفضل لكافة أفرادها، من خلال برامج ملموسة تعضدها خطط مدروسة.

وتلقفت غرفة تجارة وصناعة البحرين هذه الرؤية، وجعلت منها نبراسا يقود مشروعاتها التنموية في القطاع الاقتصادي. ووضعت نصب عينيها ان تعالج المشكلات التي تواجه الاقتصاد البحريني من خلال ما جاء في تلك الرؤية، وما تدعو له موادها، خاصة وأن الرؤية ركزت على أن يتولى القطاع الخاص الرائد عجلة تنميته بشكل يوسع الطبقة الوسطى من المواطنين البحرينين. بل ذهبت الغرفة إلى ما هو أبعد من ذلك، فوجدناها تستخدم الرؤية في توثيق علاقاتها مع دوائر الحكم، حين تعالج بعض المشكلات التي تواجه السوق البحرينية.

كما التقطت غرفة تجارة وصناعة البحرين العمق الخليجي الذي لا يمكن أن يستغني عنه التاجر البحريني، ولذلك كانت سباقة في الدعوة لتأسيس اتحاد يضم غرف تجارة وصناعة الخليج المختلفة. وأكثر من ذلك كانت هي الأخرى في طليعة الغرف الخليجية التي تشجع العمل الخليجي المشترك، وتعمل على تزويده بالشحنات التي يحتاجها للنمو، ولا يستغني عنها لتحقيق التطور المرجو.
هذه الجردة السريعة التي ترصد أنشطة الغرفة في شكل عناوين مكثفة تحتضن في ثناياها تجربة غنية، عززتها مجموعة من البرامج والخطط التي تغرف من معين ثمانية عقود من العمل الدؤوب توج ببرنامج طموح هو برنامج ال 100« يوم » الذي رسم معالمه مجلس الغرفة المنتخب في دورة 2018 .

وبناء على ذلك تم وضع الركائزَ الأساسيةَ لعمل مجلس الادارة للوصول لهذه الأهداف، وهي ركائز بمثابة أعمدة لتطبيق إستراتيجية المجلس وخطَطَه وهي:
الركيزة الأولى: هي إيجاد المُناخ والنُّظم في ضمان الشمولية في تشكيل واتخاذ القرار، والذي من شأنه تجديد ثقة الشارع في الغرفة بالسرعة المنشودة.
الركيزة الثانية: هي إيجاد نَهج يُشجّع الابتكار والإبداع في الحلول، والتحالفات في شتى القطاعات.
الركيزة الثالثة: هي توفير الحلول للأسواق المحلية، تنقلها من المحلية للعالمية.
الركيزة الرابعة: مُراجعة الهيكل التنظيمي للغرفة، وإعادة تأهيلهِ للمرحلة القادمة، مع الأخذ في عين الاعتبار ضرورة تطوير وتدريب الموظفين، لتطبيق هذه الإستراتيجيات.

كتاب تاريخ غرفة تجارة وصناعة البحرين